کد مطلب:335756 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:238

حوارات فی بدایة الطریق
عندما كنت فی القریة وأنا طالب فی الجامعة أتردد علی بعض المساجد فی

المنطقة فأجد الخطاب عند العلماء متشابها تماما بحیث لا یختلف عالم عن آخر بطریقة الخطاب من حیث المقدمة والموضوع والخاتمة والدعاء أشعر بأن علماءنا یتبعون طریقة روتینیة فی إلقاء الكلام، بحیث إذا غاب إمام المسجد لمرض أو لظرف معین یكلف أحد الأخوة المصلین بإلقاء الخطبة یصعد علی المنبر ویقرأ علینا بطریقة الدرج والسرعة فأنظر من حولی أجد قسما من الناس نیاما، والقسم الآخر كأنه مسافر فی حافلة هذا من جهة الخطاب، وأما من جهة الحوار الموضوعی والانفتاح الفكری فهو مفقود تماما. لماذا؟ لأننا ترعرعنا علی طریقة التفكیر التقلیدی الموروث الغیر قابل للتطور، رغم أن الإسلام دین التطور ودین المرونة ودین الانفتاح، ودین المعاملة، ودین النصیحة، ودین الأخلاق، ودین الإنسانیة، دین السماحة، والعزة، والكبریاء، والأنفة، هذه هی مبادئ دیننا الحنیف الذی نزل به الوحی علی نبینا محمد صلی الله علیه وآله بحیث إذا أردت السؤال من أحد العلماء فإجابته علی شقین:



[ صفحه 20]



الشق الأول: إما یجاوبنی وإما یقول لی ما هذا السؤال الذی تطرح فیسفه سؤالی!! والشق الثانی: إذا كان سؤالی عن مذهب معین ولم یكن الجواب حاضرا فی ذهن الشیخ فیقمعنی ما یجوز تسأل هكذا سؤال، هذا سؤالك غلط، لا یجوز أن تجادل الجدل فیه إثم، صوم وصلی وبس، لماذا تقلق نفسك بهكذا أفكار فالشیخ عندنا فی البلد دیكتاتور؟! فصرت أتساءل فی نفسی یا إلهی إذا أرید أن أستفسر عن دینی وعن بعض الأفكار الصعبة التی تدور فی ذهنی أواجه بالقمع.. والإرهاب وأهل البلد مع الشیخ ولیسوا معی ولا مع أفكاری فعشت فی حیرة فمرة من المرات كنت طالبا فی الثانویة وقال لی أحد الأصدقاء ما رأیك فی أن نزور الشیخ العلامة الكبیر عز الدین الخزنوی بقریة تل معروف شرق مدینة القامشلی، فقلت له حاضر وفعلا سافرنا أنا وصدیقی وكانت فی جعبتی مجموعة من الأسئلة ففرحت وشعرت بأن صدیقی یرید أن ینفس عنی فوصلنا إلی قریة تل معروف قریة الشیخ الخزنوی فرأیت الناس آلافا مؤلفة تتقدم قبل عشر أمتار من الوصول إلی الشیخ زحفا علی الأیادی والركب وبعد الوصول یقبلون أیادی الشیخ وجبهته فرأیت صفا كبیرا من الناس خلف بعضهم البعض بحیث السائل یجلس عند الشیخ دقیقة ویخرج، فقلت لصدیقی كیف أستطیع أن أسأل وسط هذا الزحام الهائل من البشر؟ وهل أتجرأ أن أناقش وسط هذا المعترك فقلت لصدیقی والله إن سألت وناقشت لیمزقونی هؤلاء الخدم المقیمون عند الشیخ فقال لی: نتبارك بالشیخ ونسلم علیه ونخرج وبقینا أكثر من ثلاث ساعات ولم نستطع أن نصل للشیخ، ورجعنا إلی القریة ولم نستفد



[ صفحه 21]



شیئا، فصرت أتساءل، هل الدین دیكتاتوریة، إمبراطوریة، تسلط...؟ فقلت غدا أذهب إن شاء الله تعالی إلی قریة تقع فی الجنوب الشرقی من حقول البترول (رمیلان) لشیخ مشهور هناك یدعی الشیخ محمد نوری عالم المنطقة فعندما ذهبت إلیه أسأله ودخلت إلی المضافة التی تقع شرق المصلی للمسجد، قالوا لی: الشیخ مریض ولم یستطع الإجابة عن الأسئلة، ومرت الأیام.. والسنون... وأنهیت دراستی الجامعیة فی حلب. وشاء الله والأقدار بأن أخدم خدمة العلم فی بیروت، وكنت بعد الانتهاء من الدوام أقوم بزیارة بعض المكتبات وأجلس أقرأ فی المكتبة لأن الوضع لا یسمح لی فی المنطقة أن أقرأ بسبب عدم وجود الفراغ، وبدأت أستعیر بعض الكتب الدینیة لأقرأها عسی أن أجد حلا لأسئلتی التی كانت تدور فی ذهنی وأنا فی الثانویة، بالرغم من أن أسئلتی لم تكن محیرة مثل (من هی الفرقة الناجیة؟ باعتبار أن الرسول صلی الله علیه وآله قال: ستتفرق أمتی إلی ثلاث وسبعین فرقة. اثنان وسبعون فی النار إلا واحدة ناجیة، ومن هذه الأسئلة والسؤال الأكثر إلحاحا باعتبار أن الله خلق آدم وحواء فهل تزوج أولاد آدم أخوات بعضهم البعض؟ فاقترحت علی بعض الأصدقاء الذهاب إلی الشیخ ونسأله: وفعلا ذهبنا وسألته عن بعض القضایا العقائدیة التی تتعلق بالكون والإله، عقل یفكر فالإنسان بطبعه یحب السؤال لأن عمدة العلم كما یقول العلماء فی السؤال... والرسول صلی الله علیه وآله یقول: اثنان لا یتعلمان مستح ومتكبر وكما یقول صلی الله علیه وآله لا حیاء فی الدین. والله تعالی یقول فی محكم كتابه (قل هل یستوی الذین یعلمون والذین لا یعلمون).



[ صفحه 22]



ویقول تعالی فی آیة أخری: (إنما یخشی الله من عباده العلماء). فلهذا كانت طبیعتی منذ نعومة أظفاری التساؤل وأسأل بكثرة لأفهم المسألة والموضوع وهكذا تعرفت علی صدیق لی فی بیروت أثناء فترة خدمة العلم اسمه (دخل الله) من الجنوب یسكن فی منطقة اسمها (حی السلم) فدعانی مرة لزیارته فی بیته فلبیت الدعوة، ولأول مرة أزوره فعندما زرته رأیت عنده مكتبة صغیرة فدفعنی الفضول وحب المعرفة لأری هذه الكتب وعن ماذا تبحث وتدور فوقع نظری علی كتاب اسمه (المراجعات) فسألت صدیقی عن ماذا یبحث هذا الكتاب فقال لی عبارة عن حوار بین عالم سنی وعالم شیعی یتحاورون فی قضیة الخلافة والإمامة بعد رسول الله صلی الله علیه وآله قلت له: لطیف هل أن العالم السنی غلب الشیعی فی الحوار..؟ فضحك صدیقی، وقال لی العالم السنی یغلب العالم الشیعی؟ هذا مستحیل، فعرفت منذ تلك اللحظة بأن صدیقی شیعی، حیث إنه كان یجهز الطعام، ففوجئت، ذلك لأن أحد علمائنا فی المنطقة كان یقول لی دائما إیاك ومجالسة الشیعی، إیاك ومحاورة الشیعی (لا تحاور الشیعی ولو كان الجدال عن حق). هؤلاء الشیعة قتلوا إمامنا الحسین (رض) ولحد الآن یبكون ویلطمون ویندبون هم ونساؤهم وأطفالهم ندما وخوفا عسی الله أن یغفر لهم. هؤلاء الشیعة یعتقدون بأن الرسالة نزلت علی علی (كرم الله وجهه) وتاه الوحی جبرائیل ونزل علی محمد صلی الله علیه وآله. وغیر ذلك. یسجدون للحجر، ویسبون الصحابة، ویعملون بالتقیة بینهم سرا لا



[ صفحه 23]



یظهرونها لأحد وذبیحتهم محرمة لا یجوز لنا أن نأكل منها. فتذكرت كلام الشیخ عندنا فی المنطقة. فاعتذرت عن الطعام بطریقة لبقة بحیث إنی لم أشعر صدیقی بشئ. وشربت عنده القهوة والشای. فقال لی صدیقی لماذا لا تأكل أنا أتیت باللحم من أجلك فقلت له: لا أستطیع أن آكل اللحم. فصارت الأفكار تتضارب فی ذهنی وتتصادم وتتصارع. فقلت یا إلهی هذا ما حدثنا به الشیخ، وفعلا شاهدته أمام عینی كان یقول لنا الشیخ عندما كنا فی المنطقة. الشیعی یقول آخر الصلاة ثلاث مرات (تاه الوحی جبرائیل، وفعلا راقبت صدیقی وهو یصلی علی الحجر وأشار إلی أذنه ثلاث مرات دون أن أفهم ما قال لأنه كان یتمتم بصوت هادئ عندئذ أیقنت تماما بأن كلام الشیخ صحیح وكان یؤكد لنا الشیخ حتی إذا سألته لا یعطیك الحقیقة لأنهم یستعملون التقیة والتقیة أشد خطرا. ولا یطلعون أحدا علی دینهم لأن لدیهم الظاهر شئ والباطن شئ آخر ولا یطلعون أحدا علی باطنهم. فقال لی صدیقی إذا أردت أن تستعیر هذا الكتاب فخذه وبعد الانتهاء منه أرجعه إلی، فأخذت منه كتاب (المراجعات) إعارة لمدة أسبوع. وفعلا بدأت بالقراءة فی هذا الكتاب وكنت واثقا من نفسی بأنه كتاب ضلال سوف أرد علیه وأفهم الشیعی من هو السنی؟!! فقرأت ترجمة الكتاب. واستمریت بالقراءة وقطعت منه تقریبا أكثر من مئتین صفحة ففوجئت وتشنجت من هذا الكتاب المدسوس، واستغربت من هذه



[ صفحه 24]



المعلومات الغریبة التی لأول مرة تطرق ذهنی، وخاصة علماؤنا دائما یحذرونا من قراءة كتب الضلال فقلت إن استمریت فی القراءة فی هذا الكتاب سوف یحرفنی لا شك فی ذلك إطلاقا وإذا أردت أن أتتبع الأدلة لیس لدی المصادر ولیس لدی الفراغ الكافی للبحث فی هذه القضیة الشائكة، فأغلقت الكتاب لأنه شوش تفكیری.